تُعَدُّ سلطنة عُمان واحدة من أبرز الدول التي تُنتج أجود أنواع اللبان، حيث تنتشر أشجاره في مختلف مناطق محافظة ظفار، وذلك بفضل المناخ الملائم والتربة الجيرية الكلسية التي تساعد على نمو شجرة اللبان، وهي شجرة لها أهمية اقتصادية وتاريخية وطبية كبيرة.
توجد أشجار اللبان في مناطق مختلفة خلف الجبال، فيما يُعرف بظل المطر، وكذلك على المنحدرات المنخفضة وفي قاع الأخاديد والجداول. كما تُلاحظ كثافتها العالية في الأودية العريضة. وتُقيَّم جودة اللبان بناءً على نقائه وخلوه من الشوائب، حيث يرتفع سعره كلما كان أنقى، ويقل سعره كلما تغيَّر لونه أو امتزج بشوائب أخرى. وتعتمد جودة اللبان أيضاً على العوامل الجغرافية والمناخية والخبرة في جمع المحصول وتوقيتات الحصاد.
يُقدَّر سعر الكيلوجرام الواحد من اللبان العُماني بين 4 و50 ريالًا عمانيًا، وقد يزيد عن ذلك، خاصة بالنسبة للأنواع ذات الجودة العالية مثل اللبان الحوجري النقي الذي يُستخرج بين مارس ويونيو. يتم جمع المحصول بطرق تقليدية تتبع منذ القدم، وبعد فصل الخريف تُجمع مرة أخرى حتى حلول الشتاء.
يتمتع اللبان بفوائد عديدة، حيث يُستخدم في تصنيع الأدوية، العطور، المستحضرات التجميلية، والزيوت. كما يُستخدم في الحياة اليومية والمناسبات الاجتماعية والدينية. يشتهر اللبان العماني أيضاً بصناعة البخور، التي تعتبر جزءاً من التراث العُماني.
عملية استخراج اللبان تبدأ بجرح أو كشط سيقان الشجرة باستخدام أداة تُسمى "المنقف"، ثم تُجمع المادة اللزجة التي تفرزها الشجرة بعد عدة عمليات تُسمى "السعفة" و"الكشمة"، حيث يتم جمع المحصول دون إلحاق ضرر بالشجرة للسماح لها بالتعافي للموسم المقبل.
وقال الباحث أحمد بن عامر العوائد إن شجرة اللبان تنتمي إلى فصيلة "البخوريات"، وهي تضم حوالي 26 نوعًا، ويُعد اللبان العُماني الأفضل. تنمو الشجرة بارتفاع يتراوح بين 3 و7 أمتار، وقد يصل إلى 10 أمتار في بعض الأودية. وأكد على أهمية المحافظة على هذه الشجرة لاستغلالها اقتصاديًا بشكل أفضل.
أشار العوائد إلى أن جامعة نزوى وجامعة ظفار تقومان بأبحاث علمية حول اللبان العماني، كما تهتم دول مثل اليابان وألمانيا بهذا الموضوع. وقد أثبتت الأبحاث اكتشاف 98 مركبًا كيميائيًا في اللبان، من بينها مركبات تُستخدم لعلاج أنواع معينة من السرطان.
تختلف جودة اللبان حسب المناطق التي يُزرع فيها، ويُعتبر اللبان الحوجري الأبيض النقي أفضل الأنواع. ويأتي اللبان النجدي والشزري في المرتبتين الثانية والثالثة من حيث الجودة، بينما يُعتبر اللبان الشعبي أكثر انتشاراً وأغزر إنتاجًا.
أضاف العوائد أن مناطق محمية جبل سمحان تحتوي على عدة أنواع من اللبان مثل الحوجري والحاسكي. وأشار إلى أن اللبان يعتبر من السلع التجارية ذات القيمة العالية التي كانت تُعادل الذهب في الماضي، وما زالت تحتفظ بقيمتها حتى اليوم.
من جانبه، أكد الدكتور أحمد بن سهيل الحضري رئيس فرع الجمعية الزراعية العمانية بمحافظة ظفار على ضرورة الاهتمام باللبان العماني لدوره الاقتصادي. كما أشار إلى نجاح زراعة أشجار اللبان في منطقة النجد بفضل توفر الظروف الملائمة، مع تأكيده على أهمية العناية بهذه الشجرة وزراعتها في أوقات محددة من السنة.
تسعى الحكومة العمانية من خلال مؤسساتها إلى الحفاظ على أشجار اللبان وتوسيع نطاق زراعتها، مع الاهتمام بإنتاج الشتلات وحمايتها من الرعي الجائر. وقد قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية بزراعة آلاف أشجار اللبان في الحديقة الشجرية في محافظة ظفار بهدف الحفاظ عليها للأجيال القادمة.
وأشارت المسوحات الأثرية إلى أن موقع وبار في نيابة الشصر بولاية ثمريت كان مركزًا تجاريًا مهمًا لتجميع اللبان وتصديره. وكانت منطقة وبار تتمتع بازدهار تجاري كبير في العصور القديمة، حيث كانت اللبان يُستخدم في الحضارات القديمة مثل المصرية والرومانية والصينية.
كما عقدت جامعة السلطان قابوس في عام 2018 المؤتمر الدولي الأول للبان والنباتات الطبية بهدف تطوير الأبحاث المتعلقة باللبان وتوسيع استخداماته الطبية والاقتصادية. وتجري جامعتا السلطان قابوس ونزوى مشروعًا بحثيًا مشتركًا لدراسة شجرة اللبان باستخدام تقنيات حديثة مثل صور الأقمار الصناعية، لتحديد البصمة الوراثية لأشجار اللبان وتوفير قاعدة بيانات شاملة عنها.
